انتقل روّاد مدينة العلوم بتونس من 15 ديسمبر 2015 إلى 15 ماي 2016 ، إلى عالم البحار في رحلة عجيبة حملتهم إلى عالم الحيتانيّات، هذه الثدييات البحرية العملاقة التي تعيش في البحار والمحيطات ( الحوت، الدلفين، خنزير البحر، حوت العنبر...) والتي تتوزع تقريبا على 80 نوعا. وقد كشفت الدراسات التي تناولت هذه الأنواع في كل أنحاء العالم على أنّها من حيث سلوكياتها تشبه تماما الثدييات على اليابسة حيث تتميّز بدماء حارّة وهي كذلك تتنفّس الهواء بواسطة رئتيها وترضع أولادها.
وهذه الكائنات تعتمد بشكل كبير وغريزيّ، للحصول على حاجيّاتها الحيويّة، للبيئة البحريّة التي تعيش فيها فأحسنت التأقلم معها. منذ ملايين السنين كانت أسلاف الحيتانيّات العملاقة بريّة وفي الواقع استوجبت عودتها للحياة البحريّة قدرة كبيرة جدا على التأقلم حيث ضاعفت توغلاتها في الأعماق قبل أن تتمكن من التحوّل إلى كائنات برمائيّة ثمّ بحريّة بشكل نهائيّ. وهذه الكائنات العظيمة التي تسود البحار بما تتمتّع به من مميّزات أثارت دائما فضول الإنسان.
وقد ورد في رواية موبي ديك Moby Dick من تأليف الروائي الأمريكي هيرمان ملفيل والتي صدرت في 18 أكتوبر 1851، حكاية صراع تراجيدي بين حوت العنبر وإنسان، فكانت رواية موبي ديك بمثابة نبوءة لما ستصير إليه هذه القوّة الكامنة. فالحيتانيّات كانت دائما هدفا للإنسان ولكنه أساء إليها من حيث الاستغلال المفرط والصيد الجائر من أجل لحمها والزيوت التي تستخرج من شحومها ممّا جعل بعض الأنواع مهدّدة بالانقراض والبعض الآخر تراجعت أعدادها بشكل مفزع، رغم المرسوم الصادر عن المحكمة الدوليّة بلاهاي سنة 1986 الذي يمنع صيد بعض الأنواع وخاصة الحيتان.
معرض "عالم الحيتانيّات" هو رحلة ممتعة من خلال منحوتات لعديد الحيتانيّات البحرية في حجمها الحقيقي، وأحفوريّة جمعت متحجرة وقطع من مجموعات وقع تركيبها وعروض لأفلام سمعية بصرية. يلقي الضوء على التطور المثير لهذه الكائنات عبر الأزمنة من حيث بنية أجسامها وسلوكياتها وطرق تكاثرها وطبيعة غذائها.